رحلة بحرية حالمة على متن "سي كلاود سبيريت" في قلب الكاريبي
انطلق في رحلة فريدة بين أمواج الكاريبي على متن السفينة الشراعية الفاخرة "سي كلاود سبيريت"، حيث تلتقي روح المغامرة برفاهية لا مثيل لها تحت شراع يلامس السماء.

رحلة بحرية حالمة على متن "سي كلاود سبيريت" في قلب الكاريبي
أقف على سطح السفينة الخشبي الذي صقلته الرياح والبحر، أتأمل السماء الواسعة بينما ترفرف فوقي 28 شراعًا أبيضَ كأنها أجنحة طيور بحرية تُحلّق في انسجام. إننا نبحر بقوة الرياح وحدها، فوق مياه الكاريبي الفيروزية التي لا يُضاهيها جمال.
لولا أنني رقصت الليلة الماضية على أنغام أغنية "Jump" الشهيرة، وشاهدت افتتاح الأولمبياد يُعرض مباشرة في صالة "أطلس"، لكنت صدّقت أنني سافرت عبر الزمن إلى القرن التاسع عشر، إلى أيام المغامرين والبحّارة الشجعان.
بين الماضي والحاضر
تم تدشين سي كلاود سبيريت في عام 2021، لكنها تحمل روح العصور القديمة بجسد معاصر. يبلغ طولها 138 مترًا، وتضم ثلاثة صواري وخمسة طوابق. هي ليست سفينة عادية، بل تجربة تدمج بين أصالة الإبحار التقليدي ورفاهية الفنادق الفخمة: أجنحة مزودة بشرفات، مركز صحي وسبا، صالة رياضية تطل على المحيط، ومنصة للسباحة.
تنتمي هذه السفينة إلى أسطول Sea Cloud Cruises الألماني، الذي اشتهر بسفينته الأولى Sea Cloud، المصممة في عام 1931 ليخت خاص لسيدة الأعمال مارغوري بوست، ولا تزال تبحر حتى يومنا هذا.
الشراع يُرفَع بالأيدي
في التاسعة صباحًا، يتجمّع الركاب على السطح لمتابعة مشهدٍ أخّاذ: فريق من 19 بحّارًا وبحّارة يتسلّقون الصواري بخفة وأناقة، يتنقلون بين الحبال ويثبتون الأشرعة يدويًا، تمامًا كما كان يُفعل قبل قرون. اللافت أن المتدرّبين الجدد هم من يتسلّقون النقاط الأعلى – على ارتفاع يقارب 60 مترًا – ليتأقلموا مع المهام الشاقة.
ولمن يمتلك الجرأة، يمكنه خوض المغامرة بنفسه، وتسلق أحد الصواري بعد فحص طبي بسيط، برفقة اثنين من أفراد الطاقم. أما من يفضل مشهدًا أكثر هدوءًا، فبإمكانه ركوب القارب الصغير (الزودياك) للقيام بجولة حول السفينة وتصوير لحظات الإبحار من زاوية ساحرة.
الترف تحت الأشرعة
ورغم أنّ الإبحار هو جوهر الرحلة، فإن الرفاهية لا تقل حضورًا. تبدأ التجربة بكأس من الشمبانيا الفاخرة عند الصعود، ويتواصل الدلال طوال الرحلة مع نظام شامل يتضمن المشروبات بأنواعها، الإكراميات، الرسوم، والوجبات.
الطابع الأوروبي واضح في التفاصيل كافة، من الخدمة الأنيقة إلى تنوع الجنسيات بين الركاب، ويُلاحظ أن أغلبهم من ألمانيا ودول أوروبية أخرى. جميع الإعلانات باللغتين الإنجليزية والألمانية، والأسعار تُعرض باليورو.
الديكور الداخلي أنيقٌ بطابع كلاسيكي: نوافذ مقوسة، شمعدانات ذهبية، لوحات بحرية، مكتبة مطلة على المحيط، وصالة مزودة ببيانو "شتاينواي" فاخر. أما في الهواء الطلق، فمساحة "ليدو" تجمع بين الطعام، الموسيقى، والرقص تحت سماء مفتوحة.
نمط أوروبي على المائدة
تُقدَّم الوجبات بروح أوروبية خالصة: شوربات غنية، سلطات مبتكرة، لحوم مطهية بإتقان، وأسماك طازجة يتم اصطيادها أحيانًا من السفينة ذاتها. يتوفر خيار نباتي في كل وجبة، بما يضمن رضا جميع الأذواق.
حتى وجبة الغداء التي تُقدَّم عادةً في مطعم "ليدو" الخارجي تأخذ طابعًا فاخرًا؛ فلا بيتزا أو ساندويتشات، بل أطباق كالباييّا، شرائح الديك الرومي، شرائح فيليه اللحم، أو لحم الخنزير الملفوف بالبيكون. أما حفلة الشواء المسائية، فتُقدَّم فيها شرائح التونة بثلاث طرق: التارتار، الساشيمي، والمشوي.
في الآونة الأخيرة، أضافت الشركة لمسة خاصة إلى برنامج الطهي من خلال دعوة طهاة عالميين لتقديم أطباقهم على متن السفينة، وإقامة ورش طهي وعروض تذوق تُثري تجربة السفر.
وفي يناير 2025، ستبحر السفينة من ميناء سان خوان في بورتو ريكو، برحلات تحتفي بالمطبخ البورتوريكي ويشارك فيها أشهر الطهاة المحليين. وفي عام 2026، تعود إلى سان خوان لتُبحر عبر الكاريبي وأمريكا الوسطى، ثم تنطلق من ميامي في رحلة بحرية إلى جزر البهاماس يوم 26 مارس.
خاتمة
"سي كلاود سبيريت" ليست مجرد سفينة، بل قصيدة بحرية تتحرّك على صفحة الماء، تنقل المسافر بين العصور، وتُقدّم له تجربة لا تُنسى تحت أشرعة تلامس السماء.